موت منظم لأحمد مجدي همام؛ بين الاستمساك بالهوية، ومحاولات الإفلات من صوت الماضي وسوط المصير…

استهلال…

في روايته الأحدث، موت منظم، الصادرة عن دار هاشيت أنطوان في بيروت، يطرق الكاتب المصري أحمد مجدي همام أبوابًا قلّما طرقت من قبل، فإذا كان الاغتراف من معين مأساة الأرمن أمر قد تناوب عليه كُتّاب كثر من قبل، فإن لرواية همام مذاق خاص، حيث إنها تستعرض كيفية انخراط الأرمن في المجتمع المصري خلال قرن من الزمان، وكيف تفرّد المصريون بقدرتهم الفريدة على صهر كل الأعراق والأقليّات في بوتقة سحريّة بحيث يتحوّل كل منهم إلى مصريّ خالص، من دون التخلي عن هويته الأصلية.

غلاف الرواية لافت، ربما لانفراط الأرمن كحبات الرمان، هذا على الرغم من ارتباط الرمان في الثقافة الأرمنية بالخصوبة ودفع شر الحاسدين، لذلك ربما كانت الخصوبة حاضرة في العنوان كحال الانفراط والشتات، أما العنوان فقد كان جاذبًا بشكل كبير، لم أستطع استكناه ما يخفيه في البداية، ولكنني بعد قراءة الرواية؛ وجدت أنه كان أنسب عنوان يليق بهذه الحكاية.

تقنيات الحكي، وحرفيّة الكتابة…

اختار همّام أن تكون روايته بوليفونية يتقاسم فيها الحكي شخصيتين رئيستين، عبد الرحمن سعد، الصحافيّ المصري شديد الشبه بالكاتب نفسه، وماجدة سيمونيان، المصرية ذات الأصل الأرمني، مع تدخلين عابرين، أولهما لصوت الجد آرام من خلال مذكراته، وثانيهما لصوت أرمن، زوج ماجدة الذي اختار مواصلة سفر شتاته الخاص، فارتحل إلى ما وراء البحر مدفوعًا بخوف ترسّخ في عروقه أبًا عن جد، وأصوات ورثها عن أجداده لم تكف عن الصراخ والعويل.

وبذات النسق التقنيّ، اختص الكاتب شخصية عبد الرحمن لتوثيق زمن الحكاية، والحكاية هنا حوت أكثر من تقسيم لفصولها، التقسيم الأول جاء منبثقًا من فصول السنة بطريقة يتسق فيها الفصل مع أحداث حياة ماجدة (وحكايتها مع عبد الرحمن في طبقة متوارية من السرد) ما بين الإزهار والذبول، وتقسيم ثانٍ عبر تناوب أصوات الرواة، مع منح روزنامة الزمن لعبد الرحمن، والاكتفاء بترقيم فصول ماجدة محررًا إياها بذلك من مسبحة الزمن.

وبذات النهج في الفصل والتقسيم، جاء استخدام اللغة، إذ أن همّام قد عمد، وفق اختيار فنّي بحت، إلى تغيير نبرة الصوت وخط القلم إبان التنقل بين ماجدة وعبد الرحمن، فلغة عبد الرحمن فصحى واضحة، تحوي أنفاسًا من الشعر، علاوة على بصمة تقريريّة يبررها كون المتحدث صحافيّ بالأساس، أما لغة ماجدة، فهي مزيج بين الفصحى الدارجة البسيطة، والعامية المحكية، وهو اختيار أراه – رغم عدائي المعلن لاستخدام العامية – موفقًا ومناسبًا لقالب الحكاية، فماجدة ليست كاتبة ولا علاقة لها بالكتابة، لذلك فقد كانت لغتها أقرب إلى امرأة خمسينية عادية من عامة الناس تجرب الحكي عقب عصور من الصمت. قد يختلف القراء حول الجانب الفنيّ في اختيار اللغة وتفاوتها، لكنني لا أرى في هذا الخيار ما يدعو إلى التشكك في أدوات الكاتب، فيكفي أن نقرأ الفصل الخاص بالجد آرام، لنعرف أننا أمام كاتب متمكن يجيد استخدام أدواته وتراكيبه اللغوية وقتما ارتأى أن الحكاية تستدعي وتحتمل ذلك. كانت التقنيّات المستخدمة تدلل على حرفيّة الكاتب، وتدمغ إجادته، حتى لو لم يستسغها البعض.

دور المصادفة في بنية المعمار السرديّ…

ارتكازًا على لقاء دبرته الصدفة تبتدئ الحكاية، البطلان يلتقيان مصادفة في أحد أقسام الشرطة، كل منهما جاء لسبب مختلف، لكن هذه المصادقة تكون بمثابة حجر الأساس لعلاقة تغيّر الشخصين وتؤلف بين قلبيهما. كثيرًا ما يستوقفني -كقارئ- دور المصادفة في بناء الحبكة وتبديل مساراتها وتطوّر شخوصها، بيد أن المصادفة هنا بسيطة وواردة، بل أنها تحوي قدرًا لا بأس به من الفكاهة اللطيفة التي تمدّ القارئ برغبة صادقة في تتبع بقية الحكاية حتى تتمتها. في إثر هذه المصادفة يتحول صحافيّ مصري شاب، بسيط، كان على وشك التورط في العمل لدى موقع إخباري تعدّه الدولة معاديًا لها، إلى شخص مهتم بتقصي أثر الأرمن في مصر خلال قرن كامل، وعلى الجانب الآخر، تتحول ماجدة سيمونيان إلى امرأة تستعيد الشعور بالأمان، وبالحب الذي يمنحها القدرة على التسامح، حتى لو لم تعلن عن عاطفتها حتى النهاية. كانت مخاطرة محسوبة أن تنهض برواية كاملة على أعمدة الصدفة، لكن المخاطرة في “موت منظم” كان لها أثر هام وعميق الأثر في حكايتنا هذه.

السرد التاريخي في منأى عن العويل…

لعل أحد أهم عناصر القوة في هذه الرواية، هو قدرة الكاتب على تناول المجزرة الأرمنية وتاريخ الأرمن في مصر منذ قرون، من دون الجنوح إلى مراثي المجزرة واعتماد البكائيات التاريخية لاستدرار تعاطف القارئ، وهذا أمر شديد الصعوبة، فباستثناء الفصل اليتيم الذي جاء بصوت الجد آرام في مذكراته، لم يتم التطرق إلى تفاصيل مسيرات الموت والمذبحة، وعلى الرغم من ذلك تظلل آثارها حياة ماجدة بطول أحداث الرواية. الوجع حاضر بقوة، وأثر العنف ممتد، وندبة الماضي لا تندمل، بل إنها تحرك الشخوص وتشيّد دوافعهم وتمهد لتقلباتهم.

الأمر اللافت كذلك، هو أنني قرأت للتوّ رواية عن آثار مذابح الأرمن الممتدة حتى اليوم، وتعرفت على الكثير من تاريخ هذه المذبحة، وعلى آثارها الراسخة، وتأثرت كثيرًا بمسارات ومصائر شخوصها، مع حضور مستمر لثمّة حس فكاهيّ، منح النص شخصيّة مصريّة واضحة، من دون الإخلال بسوداوية الحكاية وإطارها الجنائزي العريض، وهذا أمر أعده نقطة قوة ودلالة أخرى على حرفيّة الكاتب.

ثيمة العنف…

ولو أردنا استبيان الثيمة الرئيسة المحركة لهذا النص، أو لو شئنا اختزاله في ثيمة أساسية، فيمكن القول إننا أمام نص يشجب العنف بصوت صاخب، يدين الإنسان بمختلف انتماءاته وأيدولوجياته، لأن الإنسان يظل عبر صفحات التاريخ سببًا وحيدًا للعنف، فالعنف هنا ليس حكرًا على العثمانيين الذي استباحوا الدم الأرمن وعرضهم وأرضهم، حيث أننا نشاهد ميلاد قتلة جدد في إحدى ضواحي مصر الشعبية، وأعني هنا عصابة “أبو سيد” التي تحيل حياة ماجدة وبقية قاطني الحي إلى جحيم مستعر، هؤلاء لا فارق بينهم وبين قتلى الأرمن، هكذا أراد الكاتب أن يقول، بل إنه يقول في أحد المقاطع التي أتت بصوت الصحافيّ عبد الرحمن، أننا شعوب تقتل بعضها البعض بسبب مباراة في كرة القدم، في إحالة واضحة إلى مذبحة ملعب بورسعيد عام 2012، وهكذا تتقاطر المشاهد والأحداث مؤكدة إدانة النص للعنف بكل أشكاله، ووضع الكيان البشري أمام هيئة محاكمة غاب قضاتها -منذ قرون- عن الحضور.

هذا الأمر يتجلى في مشهد الختام.

مصر والأرمن، هنا وهناك…

يستعرض الكاتب تاريخًا عريضّا يوثق من خلاله دور الأرمن في مصر الحديثة، بل إنها يغوص حتى يلتقط بعضهم من حقبة المماليك، ويصحب القارئ في تجوال ساحر بين أزقة مصرية بناها أرمن منذ قرون. يؤكد القارئ من خلال هذه المشاهد المنتقاة بعناية وحدة النسيج المجتمعي المصري، وكيف تستطيع مصر 0 وفق وصفه – أن تهضم كل الوفدين إليها في أزقتها وحواريها، كذلك جاء إلقاء الضوء على العلاقة التاريخية بين الأزهر والأرمن ليعضد وشائج هذه العلاقة الأزلية التي تقدم برهانًا قاطعًا على تحوّر الشخصية المصرية وتوحّشها خلال العقود الأخيرة التالية لتفشي المدّ الوهابي وعلوّ نبرة العنف والإقصاء في بر مصر، فالمصريون الذين استقبلوا الأرمن المسيحيين واحتضنوهم، وعملوا على كفكفة دموعهم التي لم تجفّ منذ مائة عام، باتوا اليوم يتساءلون عن جواز الترحم على مسيحيّ بسيط قضى نحبه، وكثرت في ربوعهم تفجيرات الكنائس وترويع المسيحيين نفسهم!
وفي سياق موازٍ، نتتبع رحلة الصحفي المصري إلى أرمينيا بغية المشاركة في الذكرى المائة لمذابح الأرمن. هذه الرحلة كانت ثرية على صعيد الاستكشاف والشق المعلوماتيّ عن أرمينيا وجغرافيتها وعاداتها، بيد إنه كان أشد ثراءً على صعيد تطور الشخصيتين الرئيسيتين، فبينما نشاهد تخبط عبد الرحمن وتردده وحيرته إزاء مشاعر مختلطة، نقف على حقيقة مشاعر ماجدة تجاه شاب في عمر ولديها، كما تتبلور مصريّة ماجدة حين تضع حدّا لشتات آل سيمونيان المستمر، فتقرر العودة إلى مصر بعد شهرين من التيه والحيرة، وقد مسّها طيف العشق فتمدد قلبها حتى بات يتسع لغفران تأجل كثيرًا.

بناء الشخصيات، الحبكة وتطورها…

أحببت كثيرًا شخصية ماجدة سيمونيان، تعاطفت معها في أزماتها الثلاث، أزمتها مع شبح الماضي الذي يطارها ويكاد يعرقلها كلما قامت من بعد إعثار، وأزمتها العائلية التي أودت بها إلى وحدة إضافية واغتراب على اغتراب، وأخيرًا؛ أزمتها الشعورية حيال الوقوف على تصنيف قويم لعاطفتها تجاه عبد الرحمن، تلك العاطفة التي ظلت كبندول ساعة يتأرجح بين العشق والحاجة إلى الأمان، وبين عاطفة المرأة الوحيدة، وأمومة أمٍ تفتقد صبيّيها.

أما الحبكة، فكما أشار الناقد والكاتب اللبناني سليم بطي، فالحبكة في هذه الرواية هي الصراع الأزلي للأرمن، لذا لم تقدم الرواية حبكة تقليدية تصاعدية، وقد كان هذا مناسبًا لإطار الرواية.

على الجانب الآخر كانت شخصية عبد الرحمن أقل وضوحًا على صعيد الخلفية والبناء، المعلومات عنه كاملة لكنها غير وافية ولا ترضي فضول القارئ، لذا شعرت طيلة الوقت أن عبد الرحمن هو نفسه أحمد مجدي همام، وهذا الأخير لا يميل بدوره إلى الإفصاح عن الكثير مما يعتمل في قلبه، وقد أثر هذا على بناء شخصية عبد الرحمن فجاءت باهتة مقارنة بشخصية ماجدة. فإن كان القارئ قد سمع عن علاقته بأبيه، فإن ما يخص ذكرى الأم ظل باهتًا، وما يخص العلاقة مع الأشقاء بعد تفرّق سبل الحياة ظل مطويًا في عهدة الغيب، وهكذا…

كان على أحمد مجدي همام إذن أن يكون أكثر شجاعة في رسم شخصيته فوق الورق، على الأقل هذا ما شعرت به ولا قرينة لديّ تدمغ صحته.

في ذات السياق، أحببت كثيرًا شخصية الجد آرام، ووددتُ لو أفسح له الكاتب مساحة أكبر (رغم أن ذلك قد ينسف ما أشدت به أعلاه من عدم الإفراط في البكائيّات)، والأمر ذاته فيما يخص أرمن زوج ماجدة السابق، الذي تمنين لو تسلل صوته إلى النص في مرحلة مبكرة عوضًا عن ظهوره في النهاية بالتزامن مع عودته طلبًا للصفح والمغفرة.

زفير الحب في وجه الموت…

بينما تتمحور الحكاية حول الموت، وتطوف بين أطر الراحلين ومعاناة الباقين، وبينما قطار الحكاية يمضي نحو نهاية تعكس في مرآتها مرارة البدايات، تعج الصفحات بزفير خافت وهمسات خفيضة لا تظهر بين الأسطر بقدر ما يمكن استنباطها واستخلاصها عبر النبش بين السطور وفي ما يحتجب وراء طبقة السرد الأولى.

ماجدة تتعلق بعبد الرحمن، فهو منقذها الأوحد، وهو مصدر الأمان الذي يعكس في ثنايا وجهه مزيجًا من لوعة العاشق وحيرة الابن الباحث عن طرف ثوب أمه، وعبد الرحمن يجد في ماجدة ملاذًا كنت أتمنى لو فند الكاتب أسبابه بشكل أوضح، كانت ماجدة بمثابة مهرب طوارئ ظهر أمام عبد الرحمن في الوقت الأمثل كما تراءى لي، ولكن الحكاية لم تفصح عن الكثير من مسببات هذه الرغبة في الهروب، وهذه الحاجة إلى “الونس” قبل أي شيء آخر.

هذه الحالة الشعورية كانت بمثابة نسيم ربيعيّ تسلل إلى صفحات الرواية رغم تناوب الفصول على أوراقها، وبصورة تعاكس ريح العنف المندفعة من أفواه الرواة وحكايات الغائبين.

إشكالية التوثيق (ب)…

كنت لأمنح الرواية أفضل تقييم ممكن على موقع جودريدز لمن يهتمون بالتقييمات، لو لم يرد هذا الملحق في نهاية الرواية!

هذه الصيغة الإخبارية المباشرة، والطريقة الانتقائية التي صفّ بها الكاتب أخباره مع ذكر مصادرها، وضعت الرواية بين قوسيّ “الأيدولوجيّة السياسيّة الموجهة”، لم يكن هناك مبرر للربط بين تركيا وتنظيم داعش لإثبات أن تركيا تعادي الدولة المصرية الحالية، وأنها تقوّض الأمن الداخلي والسلام المجتمعي وخلافه، وأن العثمانيون الذي نكلوت بجدود ماجدة، لن يفلتوها من مخالبهم، فالقارئ ليس غبيًّا ويعرف جيدًا من وقف ويقف وراء داعش حتى اليوم، سواء كانت تركيا أو أميركا أو بعض الدول العربية، وهذا معروف!

لذلك لم يكن القارئ في حاجة إلى وصاية من الكاتب الذي ظهر في هذا الملحق وكأنه يوجه قارئه إلى استنتاجٍ أو تأويلٍ أو تفسيرٍ بعينه، وهو بهذا يصادر حق القارئ في تحديد المسؤول عن الواقعة الواردة في نهاية الرواية من دون الإفصاح عن تفاصيلها. صراحة: كنت أتمنى لو لم يرد هذ الملحق، وأحببت لو انتهت الرواية في الصفحة السابقة له، إذ كان هذا ليمنح النص برمته قدرًا أكبر من الحيادية، وينزهه عن شبهة الانتماء إلى أجندة هذا أو التحيز إلى سياسة ذاك.

ختام…

نص مصريّ خالص، كتب بحرفيّة واتقان بالغين، نوّع الكاتب أدواته بعدما حشدها ليستخدمها بطرائق مختلفة حسبما تقتضي الضرورة السردية، وظل محايدًا في القسم الأعظم من الرواية بانحيازه إلى الإنسان ونبذه للعنف أيًّا كان فاعله.

أحمد مجدي همام كاتب متميّز، يزاوج بين أكثر من عنصر من عناصر النجاح والرواج على حد سواء، فهو يمتلك أدوات الكتابة ويجيد تطويعها، كما أن له حس فكاهي مصري يمنحه بصمة خاصة بين أبناء جيله، علاوة على أن قلمه يقطر بمشاعر عذبة صادقة أخشى أنه يسعى جاهدًا إلى ترويضها، فهذا الكاتب شخص أرى من خلال كتابته أنه شديد الحساسية، عاطفيّ حتى النخاع، وإن أطلق لقلمه العنان سيكون له شأن عظيم.

لذلك أرى أن أحمد مجدي همام لم يبح بكل ما لديه بعد، هذا الشاب يبدو أنه يختزن الكثير، وأكاد أجزم أن في جعبته المزيد، ولو واصل النشر مع دور محترفة (مثل هاشيت أنطوان)، وتعاون مع محرر أدبي “محترف”، وتحرر من القيود التي يكبل بها يديه طواعية، أثق أنني سأراه قريبًا في مقدمة صفوف هذا الجيل من الكتاب المصريين، سواء على صعيد الجودة الأدبية، أو على صعيد الانتشار والمقروئية، فهو لديه هذ المزيج النادر الذي يؤهله للنجاح على الصعيدين، النقديّ والقرائيّ.

“قرأت الرواية ضمن روزنامة نادي صنّاع الحرف للقراءة، فشكرًا للقائمين على النادي لاختيارهم هذا النص”

رواية مهمة، تستحق الكثير من القراءات والكتابات النقدية..

شكرًا يا أحمد 😊

#محمد_سمير_ندا

أضف تعليق

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ